Sunday, May 16, 2010

صاصا وطه وعبده ...حكايات من شارم الشيخ

صاصا وطه وعبده ...حكايات من شارم الشيخ
زيارة مدينة شارم الشيخ هى أكثر من مجرد زيارة لمدينة بمحافظة سيناء والتى تقع داخل حدود جمهورية مصر العربية فهى انتقال من قارة لقارة فكما هو معروف ان سيناء جزء من مصر ولكنها تقع فى قارة آسيا بينما باقى المحافظات تقع فى قارة أفريقيا وبذلك فالرحلة إلى هناك رحلة انتقالية من قارة لقارة أخرى تمتد عبر طريق نفق البطل الشهيد عبد المنعم رياض الذى يمر من تحت قناة السويس ويمتد الطريق بعد ذلك بين الجبال.

والمدينة معروفة بين مدن العالم بانها مدينة السلام والسياحة. والمواسم السياحية هناك مقسمة ما بين السياحة التى تسيطرعليها الجنسية الروسية والايطالية فى هذا الوقت من العام والسياحة العربية باقى ايام السنة. تستطيع ان تستمتع كيفما شئت هناك وان تسترخى وتريح أعصابك المتوترة من تسارع وتيرة الحياة وزحام المرور وتلوث الجو.

ولكن شيئا فشىء تكتشف ان شارم الشيخ ليست فقط البحروالفاتنات والسفارى والمقاهى والموسيقى العالية والديسكوهات والبارات...هى ليست نعمة باى و بودا بار وباص وباشا وبالتأكيد هى ليست فقط سوهو أسكوير ..هناك ما هو أبعد من ذلك ...الانسان.

أتقاسم معك عزيزى القارىء مجموعة من القصص والحكايات والتى لا يربطها اى رابط سوى البحث عن لقمة العيش.

أبدئها بصاصا غطاس محترف و"اسكندرانى" ولابد ان اشير هنا الى نظرة الاحترام للاسكندرانى الذى يعمل فى شارم الشيخ وصاصا ذهب الى شارم الشيخ منذ عامين ليعمل هناك غواصاً محترفاً بعد ان كان يعطى دروسا خاصة فى الغطس فى احد مدارس الغطس بالاسكندرية ولكن بعد حدوث مشكلة مع أحد اساتذته بالكلية الذى قرر ان يجعله يرسب فى مادته لصراعهما على كورس تدريس الغطس وحلفانه بأغلظ الايمانات ان لا يجعله يغطس مرة أخرى بالاسكندرية.ويقول صاصا "الحياة فى شارم مش سهلة زى الناس ما فاكرة ولو انت مش عارف انت عايز ايه حتضيع فى الرجلين ومحدش حيسأل فيك" . يتميز صاصا باتقانه اللغة الانجليزية والروسية وخفة ظله أثناء شرحه للسياح على المركب لانواع الاسماك التى سيشاهدونها تحت سطح البحر أثناء الغطس مما يجعل الناس يطلبونه بالاسم.

قصتنا الثانية بطلها طه جرسون فى مقهى على الممشى فى خليج نعمة ولكن شكله مختلف فشعره مصفف بعناية رشيق ولهجته بورسعيدية وتعامله راق جدا مع الزبائن وهو مالفت انتباهى وبشدة ناديته وتحدثت معه عن لهجته فأكد ظنونى انه من بورسعيد وتحدثنا عن بورسعيد وشارع طرح البحر والعمارات الجديدة التى تبنى هناك وتغتال الممشى الساحر لبورسعيد وجاء وقت السؤال التقليدى بتعمل ايه هنا؟ولكن الرد كان غريباً " بحاول أقول لوالدى وأعمامى انى مش محتاج فلوسهم فى حاجة وانى مش لازم اشتغل معاهم عشان ابقى راجل وانى ممكن ابنى نفسى لوحدى" طه يمتلك منزل خاص فى شارم الشيخ وسيارة ولكن مازل أهله غير مقتنعين بعمله لذلك هو مازل يعمل فى شارم وبينزل اجازة 3 أيام كل شهر.

عبده بطل قصتنا الثالثة والاخيرة عمره الخامسة عشرة وهو الذى انقذنى من السقوط من على ظهر الحصان – لما كنت عامل فيها بطل مصر فى ركوب الخيل - .عبده من الواحات الداخلة وله 28 أخت واخت من زيجات ابوه الاربعة ولا يعرف كل أخوته ولكنه نزح مع ابوه وامه وزوجة ابيه الثانية الى شارم للعمل.رغم ضئالة جسده فتقريبا عمل فى معظم الحرف اليدوية كالحدادة والنجارة والمحارة والسباكة الى ان استقر به الحال فى الصحراء فى أحد اسطبلات الخيول. يستطيع عبده ان يشدك الى حديثة عن الجبال والوانها وطبيعتها وخطورتها وايهما تستطيع ان تتسلقه وكيف والزاوية التى يجب ان تصعد بها والوضعية المثالية للنزول وكذلك انواع الخيول وترويضها. تسرب عبده من المدرسة فى صفه الرابع الابتدائى كما قال ليساعد عائلته ويأمل ان بعود مرة أخرى للمدرسة وسألنى بكل براءة "هوه انا ممكن أكلم الظابط اللى على الكمين يرجعنى المدرسة؟" الحقيقة أنى اتعلمت من عبده الكثير ولم أستطيع أن أرد على سؤاله وقلت له عن محو الامية لكن هو عايز يروح مدرسة ويلبس مريلة زى باقى العيال.

شارم الشيخ ببساطة هى الانسان قبل المكان.

No comments:

Post a Comment