Saturday, September 8, 2012

النبى دانيال... الشارع والقيمة



النبى دانيال... الشارع والقيمة

شارع النبى دانيال هو ذلك الشارع الممتد بين ميدان محطة مصر وميدان سعد زغلول مرورا بتقاطعه مع شارع فؤاد ثم تقاطعه مع السلطان حسين واخيرا التقاطع مع شارع سعد زغلول ... ولمن لا يعرف الاسكندرية جيدا فتلك هى منطقة قلب البلد.

والشارع شأنه شأن منطقة وسط البلد بالاسكندرية مقام على أنقاض مدينة الاسكندرية القديمة التى شيدها مهندسو الاسكندر الاكبر اى انه مبنى على اثار رومانية ويونانية.

مدخل الشارع من ميدان محطة مصر يبدأ يسارا بمقهى شعبى ثم مكتبة اخبار اليوم ومكتبة أخرى فمطعم ثم محل بيع أسلحة ومحل نظارات طبيه ثم منطقة محاطة بسور حديدى هى منطقة اثار تسمى اثار البرديسى التى تنتمى للعصر الرومانى ثم مسجد سيدى عبد القادر الوفائى وامامها بالظبط يقع مسجد النبى دالنيال ثم مكتبة دار الهلال ثم مجموعة من المحال المتنوعة حتى فيلا المركز الثقافى الفرنسى وهى قيلا أثريه كان قد طلب ضمها لهيئة الاثار عام 2010 لمرور مائة عام على انشائها؛ ثم يتقاطع النبى دالنيال مع شارع فؤاد وبعبور الشارع تجد مقر حزب الوفد ومكتبة الاهرام وعلى يمينك ويسارك مجموعة من المحال المتنوعة التى تبيع كل شىء ومعظمها ادوات كهربائيه حتى التقاطع الثانى مع شارع السلطان حسين وبه مجموعة محال ملابس حتى تجد المعبد اليهودى الكبير ثم محل كان كان احد اشهر محال الحلوى قديما ثم تقاطع الشارع مع سعد زغلول فتشم رائحة البن الطازج وتجد يمينا محل البن البرازيلى المشهور وامامه سوق ليبيا ومبنى الغرفة التجارية العريقة وامامك مباشرة ميدان سعد زغلول ومحل ديليس الحلوانى وفندق سيسل العريقين و...شاطى البحر المتوسط.

هكذا عزيزى انت تعرف جغرافية الشارع ... أعود بك الى ميدان محطة مصر حيث مدخل النبى دالنيال تجد انتشار باعة الكتب فى اكشاك ممتدة من أول سور مسجد النبى دانيال يمينا وسور مسجد عبد الرازق الوفائى يسارا حتى التقاطع الاول مع شارع فؤاد فقط؛ اذا فنحن نتحدث عن ثلث الشارع تقريباُ .

المكان الذى نتحدث عنه هو المناظر لسور الازبكية فى القاهرة وسوق الكتب المقام على دفتى نهر السين بباريس. عدد الاكشاك الكلى 48 كشك تم تقنين أوضاعها أيام محافظ الاسكندرية عبد السلام المحجوب ومنحها تراخيص رسمية وأصحاب الاكشاك كونوا جمعية" بائعى الكتب بشارع النبى دالنيال" وتحصل المحافظة منهم فواتير مياة وكهرباء مما يعنى إعتداد المحافظة بهم.

مكتبة الاسكندرية نفسها عندما أقامت معرضا للكتب المستعملة جاءت بأصحاب تلك الاكشاك ليكونوا هم العارضين فى معرضها.

الكوارث والحوادث التى حلت بشارع النبى دانيال تنوعت واختلفت فلدينا الفتاة التى سقطت فى بالوعة كانت مفتوحة فى هذا الشارع وهى تسير مع خطيبها وهناك العمارة التى علت وأرتفعت فى ظل الفساد والغياب الامنى وهى الملاصقة للمبنى الاثرى لمسجد النبى دانيال والمعهد الازهرى ومالت عليه وتم تنكيسها بعد ان كادت ان تودى نهائيا بالمسجد الاثرى وتؤدى الى كارثة محققة والمسجد أضير بشده واغلق وهناك فجوة كبيرة امام المسجد بها أثار اعمدة المدينة القديمة.

أيضا هناك هبوط فى الشارع قبل مسجد النبى دانيال وتصدع فى السور الملاصق للمسجد أدى الى انهيار فى وسط الشارع مرتين على الاقل من قبل وبسببه أغلق الشارع امام المارة والسيارات أكثر من مرة... أيضا مكتبة دار الهلال ذات القيمة الكبيرة والمطبوعات ذات التاريخ لا احد يعرف مواعيد عملها فهى تقريبا لا تعمل وقد علا قفلها الصدأ.

فجر الجمعة الماضية خرجت حملة إزالة للتعديات التى سدت طريق ميدان محطة مصر ومدخل النبى دانيال ثم اجتاحت فى همجية أكشاك الكتب – المرخصة - فدمرت ما يقرب من 9 اكشاك تناثرت الكتب منها فى الشارع واختلطت بصراخ اصحابها على قطع أرزاقهم.

تناثر الكتب على الارض اعاد الى الاذهان مشهد حريق مكتبة الاسكندرية القديمة والهجمة الحالية على الثقافة والفنون والابداع بشكل عام فاذا كان تدمير أكشاك الكتب تم بشكل ممنهج اى عن طريق صدور قرار رسمى من الجهة الادارية فهى فضيحة وان كان قد تم بسبب جهل القائمين على تنفيذ قرار الازالة وعدم معرفة حدود التنفيذ فهى فضيحة أيضا  ... وفى الحالتين ما حدث كارثة.

الشارع قيمته ليست كما يدعى البعض مقتصره على للمثقفين الذين يجدون فيه ضالتهم من الكتب النادرة بل قيمته لغير الميسورين الذين يجدون فى تلك الاكشاك الكتب المدرسية المستعملة لابنائهم كل عام بأسعار ذهيدة ... الشارع قيمته ليست للمصريين فقط بل للزوار والسواح الذين يجدون فيه عبق المدينة القديمة بعد ان طمست معظم ملامح الاسكندرية القديمة ... الشارع قيمته ليست فقط فى كونه من اوائل شوارع اسكندرية الاسكندر بل فى بيوت الله على اختلافها.

المطلوب ليس فقط إعادة بناء اكشاك الكتب وتعويض أصحابها بل الكشف عن المسئول المباشر عن تلك الواقعة ومحاسبته واتخاذ كافة الاجراءات التى من شانها الحيلولة دون وقوع مثل تلك الكارثة مرة أخرى.


No comments:

Post a Comment